ولنا عودة ....
بعد التوقف عن الكتابة خصوصا في مجال الثقافة والتراث ، نظرا لانشغالنا بقضايا أخرى منها ما هو تربوي ومنها ما هو جمعوي ومنها ما هو فني ،يسعدني أن أعود لنشر بعض أبحاثنا حول الثقافة الامازيغية ،خصوصا بعدما لاحظت آن الكثير من الإخوة والأصدقاء يتابعون باهتمام كل كتاباتنا ويستفيدون منها حسب شهادتهم ، والحقيقة أن شهادات هؤلاء هي الحافز الأساسي والدافع لنا للعودة إلى الغوص في بحور الثقافة والتراث لاستخراج بعض اللآلئ والجواهر النفيسة والتي بدأ غبار النسيان يخفيها ويتلفها ، وعلينا ، كل من موقعه، أن نعمل من أجل الحفاظ على هذا التراث وننقله بأمانه للاجيال اللاحقة لعلهم يستفيدون منه ويأخذون منه الدروس والعبر .
وهكذا سنتناول موضوعات جديدة منها :
الحلقة الاولى ـ تاونزا رمز جمال المرأة .
الحلقة الثانية ـ تالخاتمت ورمزيتها في الثقافة الامازيغية
الحلقة الثالثة ـ الحناء وطقوسها ودلالاتها في الثقافة الامازيغية.
وغيرها من الموضوعات الاجتماعية التي تستحق البحث والاهتمام
بقلم ابراهيم صريح
الحلقة الاولى
تاونزا رمز الجمال الفطري
من المصطلحات الامازيغية التي بدأنا نفتقدها في تراثنا وثقافتنا الامازيغية ومن العادات الجميلة التي بدأت تندثر من مجتمعنا الامازيغي وتحل محلها مصطلحات جديدة جاءت بها العولمة والموضة والحداثة من قبيل '' تشويكا " "لاكوب " ليميش " وغيرها من المصطلحات الجديدة في عالم الحلاقة والشعر.
لا ادري هل يدرك ابناؤنا وبناتنا اليوم معنى ومفهوم "تاونزا " أم لا ؟
تاونزا من العادات الامازيغية القديمة المرتبطة بالشّعر ، أو لنقول نوع من التسريحات بمفهومنا اليوم ، حيث تقوم الأم بقص مقدمة شعر ابنتها الصغيرة بشكل متناسق وجميل ومتساوي ، فتبدو الفتاة في غاية الروعة والجمال والدلال .
وكانت الفتاة قديما تفتخر ب"تاونزا " وتعتبرها من أساسيات جمالها وسر سحرها .
وتروي الأمهات والجدات أن حروبا ومعارك نشبت بسبب " تاوزنزا " بين القبائل والدواوير ، والفريق المنهزم تحرم فتياته من تاونزا .
كما تغنى الشعراء قديما بتاونزا واعتبروها أساس جمال الفتاة . و انتقلت هذه الكلمة من مجرد تسريحة شعر للدلالة على المرأة من بباب إطلاق الجزء على الكل كما هو متعارف عليه في البلاغة العربية ومن الأغاني الجميلة في تاونزا رائعة الفنانة أوتلوات :
وايلالاي الا لا يلالا ويلا لا يلالاي اواسييح أتاونزا
لقد اعتبر ت تاونزا رمزا للجمال الفطري و الجمال الطبيعي ، واستطاعت أن تسلب العقول والقلوب ، ففجرت القرائح واطلقت العنان للالسنة فتغنت بها ومن ذلك :
أزريامـــــــت أتاوزنزا لايامنم
اخدّا أودغار آرديدل تيكياضنم
أهان أدغار أنغوبو ليـــــام أيك
أح الجنت اخكـــــــــا يان تاعيالت
امون ديزنكـــــــــــــــــاض اسيح
اك آفتن الوحكنت اتيكورين فغاريون
ومن المناطق التي اعتنت فيها المرأة بتاونزا منطقة اداوكنضيف ، وبعض مناطق ايت عبد الله كزغنغين وألوس وتيتكي و تولي وغيرها ، في حين لا نكاد نجدها في أمزاور وتغرمان وايت وارح ومنطق أخرى وكل هذا حسب روايات بعض النساء والجدات .
أما اليوم فأكاد أجزم أن تاونزا صارت جزءا من الماضي ، واختفت كما اختفى جزء كبير من تراثنا وثقافتنا ، وحلت محلها التسريحات الجديدة التي جاءت بها موجة العولمة والانفتاح .