" تيويزي " أو قيم التضامن في المجتمع السوسي
قبيلة ايت عبد الله نموذجا
من القيم السامية التي بدأت تندثر من مجتمعنا الامازيغي قيمة التضامن أو ''تيويزي'' التي كانت جزء أساسيا من عاداتنا وتقاليدنا فلم تكن تمر مناسبة إلا وتجسدت فيه هذه العادة في أبهى صورها وانصع تجلياتها .
كان المجتمع السوسي ، كما هو الشأن بالنسبة للمجتمع المغربي عموما ،عبارة عن جسم واحد وروح واحدة ونفس واحدة ،لم يكن هناك فرق بين الصغير والكبير والغني والفقير والسيد والخادم الكل سواسية .
كانت كل البيوت عبارة عن بيت واحد وما املكه أشاركك إياه وما تملكه تقاسمني إياه .
لم يكن المرء يحس بالوحدة ولا بالبعد عن الآخرين، بل كان يحس الدفء والأمان بين أهل قبيلته ودواره.
ومن اسمي قيم التضامن ما كنا نراه قديما أثناء عملية الحرث و الحصاد والدرس " تا يرزا د تمكرا د الروا'' حيث كانت العملية تتم بشكل بديع يتعاون فيها كل أفراد الدوار الواحد .
ما أجمل تلك الصورة حين يقف رجال القرية في ''انرار'' أثناء عملية الدرس '' الروا" وهم يرددون بصوت واحد '' اهايوهو " "اهاييهي" ، وكل واحد قد شارك بدابته في هذه العملية ،كم كان رائعا ذلك الجو الحميمي فهذه كؤوس الشاي وهذا لعسل والسمن و" املو" و"لمريس" و"البسيس " وهنريس واللوز .....
ومن المناسبات التي تتجسد فيها قيم التضامن الأعراس ''والسلكت '' والعقيقة حيث يتضامن الناس فيما بينهم ويتعاونون هذا يتكلف بالماء وهذا بالحطب والأخر بالأواني والفرشة وبالتالي يصبح العبء خفيفا على صاحب المناسبة .
ومن أبهى صور التضامن كذلك ما نكنا نعيشه يوميا حين نطبخ ''تكلا '' أو '' الكسكس'' فنحمل إناء للبحث عن اللبن
" اربي ايميك اوغو " وايما منزل قصدت لا أحد يردك خائبا لقدت كانت القرية تحقق الاكتفاء الذاتي في تلك المادة .
ومن المشاهد الرائعة ما يقع يوم السوق الأسبوعي،حيث كان الرجل الواحد يتكلف بجميع مقتنيات الدوار وكأنه أب لأسرة واحدة .
إن هذه العادات الجميلة وأمثالها بدأت تندثر من مجتمعنا السوسي شيئا فشيئا وبدأت الخلافات تسود والصراعات تظهر والحسابات الضيقة تنشب بين الأفراد ، كل هذه الأسباب وغيرها ألقت بظلالها القاتمة على الصورة الجميلة "لتامازيرت" وبدأت تفقدها طهرها وبراءتها ورونقها .
ورغم كل هذا سوف لن ننسى تامازيرت سوف لن ننسى أيامها الجميلة وذكرياتها السعيدة وأملنا في الشباب أن يعيد البسمة لهذه الأرض الطيبة من خلال عودتهم لقراهم وتعاونهم واتحادهم واهتمامهم بعاداتهم وتقاليدهم
بقلم ابراهيم صريح